كان أبو الشمقمق يعاني الفقر الشديد، مما دعاه لأن يلزم بيته بملابس بالية فإذا طرق عليه أحد بابه خرج ونظر من ثقب الباب، فإن أعجبه الواقف فتح له وإلا سكت عنه، فدخل عليه يوما بعض إخوانه فلما رأوا سوء حاله قال له أحدهم: أبشر يا أبا الشمقمق فقد روي في الحديث: إن العارين في الدنيا هم الكاسون يـوم القيامة. فقال: إن كان والله ما تقول حقا أكون أول المكسوين بزازا.
ثم راح يقول:
لَقد أُهزلت حتى محت الشمس خيالي
وَلقد أفلست حَتى حل أَكلي لعيالي
قصة أبو الشمقمق وبشار بن برد:
جاء أبو الشمقمق إلى بشار يشكو له الفقر والعوز ويحلف له انه ما عنده شيء فقال له بشار:
والله ما عندي شيء يغنيك ولكن قم معي إلى عقبة بن مسلم. فقام معه فذكر أبا الشمقمق وقال: هو شاعر وله شكر وثناء. فأمر له عقبة بخمسمائة درهم، فقال له بشار:
يا واحدَ العرب الذي أمْسى وليس له نظير
لوكان مِثلك آخر ما كان في الدنيا فقير
فأمر لبشار بالفي درهم، فقال أبو الشمقمق نفعتنا ونفعناك يا أبا معاذ.
قصص ذات صلة
تنازلات متنبئ
ادعى رجل النبوة فطلب ودعي له بالنطع والسيف فقال لهم ما تفعلون قالوا له: نقتلك. قال ولم تقتلونني؟ قالوا لأنك ادعيت النبوة، قال فلست أدعيها فانا صديق ولست نبي فجيء له بالسوط فقال: لم تضربونني، قالوا لأنك ادعيت أنك صديق، قال فلست أدعي ذلك فأنا من التابعين لهم بإحسان فدعي له بالدرة قال: ولم ذلك؟ قالوا لأنك ادعيت ما ليس فيك، قال: ويحكم دخلت عليكم وانا نبي وتريدونني أن أخرج منكم وأنا زنديق؟
رأس أمي وأبي
اشترى الظريف مزبد رأسين فوضعهما بين يدي امرأته وقال: اقعدي نأكل فأخذت رأسا فوضعته خلفها وقالت: هذا لأمـي، فأخـذ مـزيـد الـرأس الآخر ووضعه خلفه وقال: وهذا لأبي فقالت وماذا نأكل؟ قال: ضعي رأس أمك واضع رأس أبي
بين معاوية وشريك
دخل شريـك بـن الأعـور عـلـى معاوية وكان دميما فقال له معاوية إنك لدميم والجميـل خـيـر مـن القبيح وإنـك لـشريـك ومـا لله مـن شـريـك وإن أباك لأعور والصحيح خير من الأعور فكيف سدت قومك، فقال له شريك إنك لمعاوية وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك لصخر والسهل خير من الصخر وإنك لابن حرب والسلام خير من الحرب وإنك لابن أميـة ومـا أمية إلا أمية صغرت فكيف صرت أمير المؤمنين؟ ثم خرج من عنده وهو يقول: أیشتمني معاوية بن حرب وسيفي صارم ومعي لساني وحولي من ذوي يزن ليوث ضراغمة تهش إلى الطعان يعير بالدمامة من سفاه وربات الحجال من الغواني.
أحق بالسؤال
وقف رجل سائل على باب قوم فقالوا له: يفتح الله لك. فقال أعطوني كسرة خبز قالوا: ما نقدر عليها، قال: فقليل من الفول أو الشعير قالوا: لا نقدر عليه قال: فقليل من اللبن. قالوا لا نجده في البيت. قال: فشربة ماء. قالوا: ليس عندنا، فقال: فما جلوسكم هاهنا؟ قوموا فاسألوا فأنتم أحق مني بالسؤال.
فيلسوف النفاق
أقبل عيينة بن حصن إلى المدينة قبل إسلامه فلقيه ركب خارجون منها فسألهم: أخبروني عـن هـذا الرجـل (ويقصد النبي العربي الكريم) فقالوا له: الناس فيـه ثلاثة: رجل أسلم فهو معه يقاتل قريش وأفناء العرب ورجل لم يسلم فهو يقاتله ورجل يظهر الإسلام للمسلمين حتى إذا لقي قريش قال إنه معهم. فقال عيينة: ما يسمى هؤلاء؟ فقيل له: إنهم المنافقون. فقال: أشهدوا إني منهم فهـم أحـزم الجميع وأرجحهم عقلا.