قصة أبو دلامة والجنود
قصة أبو دلامة والجنودأبو دلامة والجنود
في هذا المقال سنقرأ قصة أبو دلامة والجنود وهي من أشهر و أطرف قصص أبو دلامة حيث نلاحظ فيها ذكاء أبو دلامة و حيلته لكي يتجنب القتال في المعركة و كيف أنه استطاع أن يساهم في انتصار جيشه بدون أن يقاتل أو يغامر بحياته.
من قصص أبو دلامة
أبو دلامة والجنود
كان روح بن حاتم المهلبي واليا على البصرة، فخرج إلى حرب الجيوش الخراسانية ومعه أبو دلامة فخرج من صف العدو مبارز فخرج إليه جماعة فقتلهم فتقدم روح إلى أبي دلامة بمبارزته فامتنع فألزمه فاستعفاه فلم يعفه، فأنشد أبو دلامة:
إني أعود بروح أن يقدمني إلى القتال فيخزى بي بنو أسدإن المهلـب حـب المـوت اورثكـم ولـم أرث أنا حب الموت من أحدإن الدنو إلى الأعداء أعلمه مما يفرق بين الروح والجسد
فأقسم عليـه ليـخـرجن، وقـال: لماذا تأخـذ رزق السلطان؟ قـال: لأقاتـل عنـه، قـال: فمالك لا تبرز إلى عدو الله؟ فقال: أيها الأمير، إن خرجت إليه لحقت بمـن مـضى، وما الشرط أن أقتل عن السلطان، بل أقاتل عنه، فحلف روح: لتخرجن إليه فتقتله أو تأسره او تقتل دون ذلك، فلما رأى أبو دلامة الجد منه قال: أيها الأمير، تعلم أن هذا أول يوم من أيام الآخرة، ولابد فيه من الزوادة، فأمر له بذلك. فأخذ رغيفاً مطوياً على دجاجة ولحم وسطيحة من شراب وشيئاً مـن نقـل ، وشهر سيفاً وحمل ، وكان تحته فرس جواد ، فأقبل يجول ويلعـب بالرمح ، وكان مليحاً في الميدان ، والفارس يلاحظـه ويطلـب مـنـه غـرة ، حتى إذا وجـدها حمـل علـيـه ، والغبـار كالليل ، فأغمد أبو دلامة سيفه وقال للرجل : لا تعجل واسمع مني- عافاك الله كلمات القيهن إليك ، فإنما أتيتك في مهم ، فوقف مقابله وقال : ما المهم ؟ قال : أتعرفني ؟ قال : لا ، قال : أنا أبو دلامة ، قال : قد سمعت بك حياك الله ، فكيف بـرزت إلـي وطمعـت في بعـد مـن قـتـلـت مـن أصـحابك ؟ فقـال : مـا خـرجـت لأقتلـك ولا لأقاتلك ، ولكـنـي رأيـت لبـاقتـك وشهامتك فاشتهيت أن تـكـون لـي صـديقا ، وإنـي لأدلك على ما هو أحسن من قتالنا . قال : قل على بركة الله تعالى ، قال : أراك قد تعبت وأنت بغير شك سغبان ظمآن ، قال : كذلك هو ، قال : فما علينا من خراسان والعراق ، إن معـي خبـزا ولحماً وشراباً ونقلا كما يتمنى المتمني ، وهذا غدير ماء نمير بالقرب منا ، فهلم بنا إليه نصطبح وأترنم لك بشيء من حداء الأعراب ، فقال : هذا غاية أملي ، فقال : ها أنا أستطرد لك فاتبعني حتى تخرج من حلق الطعان ، ففعلا ، وروح يتطلب أبا دلامة فلا يجده ، والخراسانية تطلب فارسها فلا تجده ، فلما طابت نفس الخراساني قال له أبو دلامة.
إن روحاً كما علمت من أبناء الكرام، وحسبك بابن المهلب جوادا، وإنه يبدل لك خلعة فاخرة وفرسـاً جـواداً ومركباً مفضضاً وسيفاً محلى ورمحاً طويلاً وجارية بربرية وينزلك في أكثر العطاء، وهذا خاتمه معي لك بذلك، قال: ويحك وما أصنع بأهلي وعيالي؟ فقال: استخر الله وسر معي ودع أهلك، فالكل يخلف عليك فقال: سربنا على بركة الله. فسارا حتى قدما من وراء العسكر ، فهجما على روح ، فقال : يا أبا دلامة اين كنت ؟ قال : في حاجتك ، أما قتل الرجل فما أطقته ، وأما سفك دمـي فمـا طـبـت بـه نفسا، وأما الرجـوع خائبـا فـلـم أقدم عليه ، وقـد تلطفت وآتيتـك بـه أسير كرمك ، وقد بذلت له عنك كيت وكيت ، فقال : ممضى إذا وثـق لـي ، قال : بمـاذا ؟ قال : بنقل أهله ، قال الرجل : أهلي على بعد ولا يمكنني نقلهم الآن ، ولكن امدد يدك أصافحك وأحلف لك متبرعاً بطلاق الزوجة أني لا أخونك ، فإن لم أف إذا حلفت بطلاقها لم ينفعك نقلها ، قال : صدقت ، فحلف له وعاهده ، ووفى له بما ضمنه أبودلامة وزاد عليـه ، وانقلـب معـهـم الخراساني يقاتـل الخراسانية ، وينكـي فـيهم أشـد نكاية وكان أكبر أسباب ظفر روح .